الجمعة 3 مايو 2024 مـ 06:26 صـ 24 شوال 1445 هـ
مصر 24
رئيس مجلس الإدارةكمال أبو زيدرئيس التحريرمحمد الجباليالمشرف العامأبو الحجاج العماري

سمير الإسكندراني.. قصة أشهر شبكة للتجسس الإسرائيلي بإيطاليا

سمير الإسكندراني
سمير الإسكندراني

سمير الإسكندراني.. قصة أشهر شبكة للتجسس الإسرائيلي بإيطاليا... الشباب المصري هو درع الأمة وذكاؤه وراء سقوط أكبر شبكات التجسس على مصر، فمصر بالنسبة لأبنائها الحرم الممنوع الاقتراب منه ومن وحدة أراضيه، وكان للفنان سمير الإسكندراني قصة لكشف أكبر شبكة جاسوسية للعدو الإسرائيلي في إيطاليا، حيث تمكن من خداع المخابرات الإسرائيلية التي كانت تعتبر نفسها في ذلك الوقت أخطر أجهزة العالم لما تمتلكه من إمكانيات وأجهزة متقدمة.

وبمناسبة الذكرى الثالثة على وفاة الفنان سمير الاسكندراني فيتو تقدم القصة الكاملة لهذه الملحمة التي لعبت فيها المخابرات المصرية والشاب سمير دورا رائعا أعطى إسرائيل وقتها درسا في الولاء للمصريين.

البداية:
بسبب تفوق سمير الدراسي حصل على منحة دراسية في مدينة بيروجيا إيطاليا لدراسة الأدب واللغة في الجامعة، وهناك التقى بأحد الشباب وكان يجيد التحدث باللغة العربية بطلاقة وكأنه عربي.

بالإضافة أنه يتحدث أيضا عددا من اللغات بنفس الطلاقة مثل الفرنسية والإيطالية والإنجليزية، وقدم الشاب نفسه للإسكندراني باسم سليم.

بالرغم من كل هذا فإن سمير لم يرتح له خصوصا في حديثه عن القضية الفلسطينية وساور سمير الشكوك حوله بدا يبتعد عنه ولكن سليم حاول أن يلفت نظر سمير إليه مرة أخرى وصارحه بالحقيقة أنه يهودي ولكن مهتم بالقضية الفلسطينية.

وكانت هذه نقطة البداية والخيط الذي شد سمير لمعرفة المزيد عن هذا الشخص ولماذا اختاره ويحاول جاهدا الارتباط وتوطيد معه علاقته بهذه السرعة.

المخابرات الإسرائيلية:

قدم سليم صديقه سمير لأحد رجال الموساد ويدعي (جوناثان شميت) على أن سمير الشخص المناسب التجنيد لصالح إسرائيل، وجاء دور جوناثان لدراسة الهدف وتحديد مدى صدقه وجديته.

ثم أدرك سمير أنه تورط في أمر بالغ الخطورة ولكنه لم يتراجع وحتى يقنع جوناثان الذي لم يكن سوى أحد ضباط الموساد الإسرائيلي بكراهيته لنظام عبد الناصر في مصر ورغبته في العمل ضده، فقام جوناثان بعرض قيم له بالعمل لصالح ما أسماه بمنظمة البحر الأبيض المتوسط لمحاربة الشيوعية والاستعمار مقابل راتب شهري ثابت وكبير ومكافآت مغرية، وفقا لمجهوده وقيمة الخدمات التي يمكنه تقديمها للمنظمة.

فوافق سمير على الفور وبدأ تدريباته على تعلم أسلوبهم بالكتابة بالحبر السري والتمييز بين الرتب العسكرية، ورسم الكباري والمواقع العسكرية وتحديد سمك الخرسانة التي يتم بها بناء المواقع العسكرية وأنظمة الدفاع الجوي المصري وأعطاه مبلغا كبيرا من المال ومجلة به إعلان عن لنادٍ ليلي في روما مطبوعة فيه صورته وهو يغني في بعض السهرات، كتبرير لحصوله علي المال.

المخابرات المصرية:

عاد سمير إلى مصر وقرر مقابلة المسؤولين بالمخابرات العامة قرر ليحكي قصته، ولكنه تراجع وفطن لا يخاطر بما لديه من معلومات ويبلغ بها أحد بها سوى الرئيس جمال عبد الناصر نفسه وعن طريق أحد أصدقاء والده استطاع الاتصال بالمخابرات العامة وبمديرها صلاح نصر في ذلك الذي قدمه للرئيس عبد الناص الذي استمع إليه باهتمام شديد، وشاهد مع مدير المخابرات تلك الحقيبة التي أعطاها جوناثان له بجيوبها السرية والمبالغ المالية الموجودة بها والحبر السري وغيره من أدوات التجسس.
ثم قال الرئيس عبد الناصر لسمير “أعتقد أن دورك لم ينته بعد يا سمير”.

فأجابه في حماس شديد: أنا رهن الإشاره يا سيادة الرئيس وروحي ودمي فداء لمصر.

وكان هذا بداية العمليات الخطيرة في معركة سمير مع الموساد فبدأ سمير يعمل لحساب المخابرات المصرية وتحت إشراف رجالها الذين وضعوا الأمر كله علي مائدة البحث وبداوا في تدريب سمير علي وسائل التعامل وأسلوب التلاعب بخبراء الموساد وتفوق في الاداء سريعا حتي اصبح سمير ثعلبا حقيقيا وبرزت فيه مواهبه الشخصية وقدرته الفذة علي التحكم في انفعالاته، وبراعته في التعامل مع العدو وبدأ يرسل معلومات سرية بتوجيه من المخابرات عن مواقع عسكرية ومواقع استراتيجية، دون أن يتجاوز قدراته الحقيقية دون أن يثير شكوك العدو بالرغم من الحذر والاحتياطات التي كانت من جانب الاسرائيلي طوال الوقت كان سمير يشكو في خطاباته الي جوناثان من احتياجه الشديد للمال ويهدد بالتوقف عن العمل، لو لم يعملوا علي إخراجه من ضائقته المالية.

وفي نفس الوقت يرسل لهم عشرات المعلومات والصور التي زادت من اهتمامهم وجعلتهم يتأكدون من انه عميل له أهمية يستحيل التفريط فيه لأي سبب من الأسباب فطلبوا منه استئجار صندوق بريد وأخبروه أنهم سيتدبرون أمر تزويده بالنقود المطلوبة وأرسلوا له ٣ آلاف دولار إلى صندوق البريد داخل عدة مظاريف وصلت كلها من داخل مصر.وكانت هذه أكبر ضربة أانها أكدت أن إسرائيل لديها عملاء كثير داخل مصر وبمثابة إعلان وجود شبكة ضخمة من عملاء إسرائيل تتحرك بحرية داخل البلاد وتضر بأمن وسلامة الأراضي المصرية وبدأت المخابرات العامة من وضع خطة منظمة للإيقاع بالشبكة كلها.

وكشف خيوط الشبكة واحدة واحدة وعيون رجال المخابرات المصرية تتسع أكثر وأكثر الغريب انه كانت معظمها من الأجانب المقيمين في مصر والذين يعملون بمختلف المهن ويحملون جنسيات مختلفة. فمن بينهم مصمم ديكور يوناني وموظف فندق إيطالي ودبلوماسي ألماني وجرسون ومدرس وممرضة.

الصيد الثمين:

وجدت المخابرات العامة المصرية أنها أمام صيد كبير وببراعة رجالها استطاعت المخابرات عن طريق سمير إقناع المخابرات الإسرائيلية بإرسال واحد من أخطر ضباطها إليه في القاهرة وهو (موسى جود سوارد) الذي جاء متخفيا ولكن المخابرات المصرية رصدته منذ لحظة وصوله البلاد راحت تتبع خطواته حتى توصلت إلى محل إقامته والي اتصالاته السرية وبضربه ذكية ألقت المخابرات المصرية القبض علي موسى دون نشر الخبر في وسائل الإعلام حتى لا يعرف الجانب الإسرائيلي وتمت السيطرة عليه ليرسل خطاباته بنفس الانتظام الي الموساد حتى يتم الإيقاع بالشبكة كلها وراح عملاء الشبكة يتساقطون واحد تلو الأخر وتنكشف معهم الكثير من الأسرار والمعلومات الثمينة والمفيدة لمصر .
الإعلان عن سقوط الشبكة:

ثم قامت المخابرات المصرية بالإعلان عن سقوط اكبر شبكة تجسس في مصر وسط ذهول العدو الاسرائيلى وقياداته وهم يكتشفون أن شابا مصريا بسيطا استطاع الثعلب خلال طوال عام ونصف سحق كبريائهم بضربة ذكية متقنة مع جهاز المخابرات المصري ودمر أكبر وأقوى شبكاتهم وحلمهم في الحصول على معلومات من مصر وأن الصقور المصريه بعيونها الحادة تستطيع رصد اي عدو يحاول المساس بمصر والمصريين وكانت الفضيحة الإسرائيلية عالمية.
سمير الفنان:
ثم عاد سمير إلى أرض الوطن ليقدم بفنه أروع الأغاني الوطنية والحماسية تمتع بها الشعب المصري والعربي بعد أن تخلص من أكبر شبكة جاسوسية، وانتقل إلى جوار ربه بعد حياة مليئة بالفرح في يوم ١٤ أغسطس ٢٠٢٠.